تشهد محافظة اللاذقية منذ بداية يوليو 2025 حرائق ضخمة أدت إلى دمار واسع في الغابات والأراضي الزراعية، حيث تجاوزت مساحة الأراضي المحترقة أكثر من 10,000 هكتار موزعة على 28 منطقة مختلفة في الريف اللاذقي. هذه الحرائق لم تقتصر أضرارها على البيئة فحسب، بل تحولت إلى كارثة إنسانية تهدد استقرار مئات العائلات واللاجئين في المنطقة.
في غضون أيام قليلة، أُجبر مئات من السكان على الفرار من منازلهم هربًا من النيران والدخان الكثيف، فيما تعمل فرق الدفاع المدني – المدعومة بفرق من الأردن وتركيا ولبنان وسوريا – جاهدة للسيطرة على الحريق. شاركت أكثر من 120 فرقة إطفاء، وأكثر من 150 مركبة، إضافة إلى 12 إلى 16 مروحية في عمليات الإطفاء، لكن التحديات لا تزال هائلة بسبب:
-
الظروف المناخية القاسية: ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار عززت انتشار الحرائق وسرعتها، ما حول الكارثة من بيئية إلى أزمة إنسانية.
-
مخلفات الحرب: الألغام والقنابل غير المنفجرة المنتشرة في المناطق المتضررة أدت إلى انفجارات أثناء عمليات الإطفاء، مما عرقل عمل الفرق وزاد من المخاطر.
-
التضاريس الجغرافية الوعرة: الطبيعة الجبلية والصعبة في الريف اللاذقي صعّبت على الفرق البرية مواكبة سرعة انتشار النيران.
رد الفعل الدولي كان منسقًا عبر غرفة عمليات مشتركة بين تركيا والأردن ولبنان والأمم المتحدة، التي أرسلت فرقًا لتقييم الأضرار وتحديد الاحتياجات الطارئة. السلطات السورية بدورها طلبت دعمًا إضافيًا من الاتحاد الأوروبي لتوفير مروحيات وموارد إطفاء إضافية، مع تزايد القلق من تداعيات الكارثة على المدنيين.
من الناحية الإنسانية، تعرضت مئات العائلات للنزوح المؤقت، وسط مخاطر صحية كبيرة بسبب الدخان الكثيف الذي يزيد من أمراض الجهاز التنفسي، كما أصيب عدد من عناصر الدفاع المدني خلال محاولات الإطفاء، رغم عدم تسجيل وفيات مدنية حتى الآن. البنى التحتية الزراعية والطرق الريفية تضررت بشكل كبير، ما يزيد من هشاشة الوضع الإنساني في مناطق تعاني أصلاً من نقص المياه والكهرباء.
توصيات حاسمة للمنظمة الدولية والمجتمع الدولي:
-
تفعيل حظر حرائق الغابات الطارئ ونشر مروحيات إطفاء إضافية وجسور جوية بدعم من الاتحاد الأوروبي.
-
إزالة مخلفات الحرب بسرعة، وتطبيق بروتوكولات أمان صارمة قبل السماح بدخول فرق الإطفاء.
-
تخصيص مساعدات إنسانية عاجلة تشمل المياه الصالحة، الأدوية، المأوى، والدعم النفسي للنازحين والعاملين في الإطفاء.
-
إطلاق برامج لمكافحة تغير المناخ المحلي، من خلال استحداث قيادة بيئية تعيد الغطاء النباتي وتحسن إدارة الموارد المائية.
ختامًا، حرائق اللاذقية ليست مجرد كارثة بيئية مؤقتة، بل “قنبلة إنسانية” تهدد البيئة، الأمن الغذائي، وحقوق الإنسان في سوريا. المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين تدين التقاعس الدولي في بناء هيكل دائم للإنقاذ وتدعو إلى استجابة عاجلة وحازمة تضمن حماية المدنيين وتثبيت الاستقرار في المنطقة.
هذه اللحظة تمثل فرصة حاسمة للمجتمع الدولي ليتحرك بشكل فوري نحو تدخل إنساني وبيئي مستدام يحفظ أرواح الناس ويصون البيئة التي تعتمد عليها أجيال المستقبل.